الإضراب أبغض الحلال في ظل غياب قانون منظم للإضراب

                                               اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي  
على إثر إصدار رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران منشورا رقم 26-2012 بتاريخ 15 نونبر 2012 توصلت به مختلف مختلف إدارات قطاعات الوظيفة العمومية و الجماعات المحلية تكون الدولة المغربية قد احدثت قطيعة مع القواعد العرفية التي صاحبت تنظيم الإضرابات خلال السنوات السابقة فقد اعتمدت الحكومة المغربية على القوانين الوظيفة العمومية الجاري بها العمل بشأن التغيب عن العمل معتبرة أن الإضراب ليس مبررا للتغيب و بالتالي تتخذ بشأنه الإجراءات الاعتيادية المتعلقة بالتغيب عن المشروع قياسا على اجتهادات الأحكام الصادرة عن بعض المحاكم الإداراية و التي شرعت للإدارة حق الاقتطاع من الأجرة و اتباع مساطر الانقطاع عن العمل في حالة تجاوز مدة الغياب الآجال القانونية المحددة ب24 ساعة للموظفين بالمجال الحضري و 72 ساعة بالنسبة للعاملين بالمجال القروي و إذا كانت المحكمة الإدارية بالرباط قد قررت مؤخرا عدم مشروعية الاقتطاع من أجرة مضرب بقطاع العدل فإنها لم تطعن بالإجراء بحد ذاته و إنما في عدم احترام الإدارة للمسطرة المتبعة بهذا الشأن و المتعلقة أساسا بعنصر الإخبار و إشعار المعني بالتغيب و بانعكاسات ذلك على سيرته المهنية
من جهة أخرى أصدرت وزارة الوظيفة العمومية و تحديث الإدارة بتاريخ 17 ربيع الأول 1424 الموافق ل 19 ماي 2003 منشورا تحت رقم 4-03-وع يصف بالتحديد مفهوم التغيب عن العمل و المساطر الجزرية المرافقة له و قد تضمن ما يلي:

سلام تام بوجود مولانا الإمام،
وبعد، لقد أثار انتباهي أن كيفية تعامل بعض الإدارات العمومية مع ظاهرة التغييب عن العمل بصفة غير مشروعة لا تنسجم مع الضوابط المحددة بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في هذا المجال، الأمر الذي يترتب عنه تزايد في عدد الملفات المتنازع حول كيفية تسويتها بين الإدارات المشغلة وهيئات المراقبة المالية، مع ما لذلك من تداعيات على مستوى تدبير الموارد البشرية والمالية للدولة
ولتجاوز هذه الوضعية، يشرفني أن أذكر ضمن هذا المنشور بالضوابط الأساسية التي ينبغي الالتزام بها على مستوى تدبير ملفات التغيب عن العمل بصفة غير مشروعة
هذا، ويجدر التذكير بأن الفصل 39 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية قد حدد حالات التغيب عن العمل المسموح بها للموظف الموجود في وضعية القيام بالعمل، والمتمثلة في
_ الرخص الإدارية التي تشتمل على الرخص السنوية والرخص الاستثنائية أو الرخص بالتغيب ؛
- الرخص لأسباب صحية ؛
- الرخص الممنوحة عن الولادة
- الرخص بدون أجر
لذلك فإن كل تغيب عن العمل دون ترخيص مسبق أو مبرر مقبول يقتضي تفعيل إحدى المسطرتين التاليتين :
أولا : مسطرة الاقتطاعات من الأجور :
يتعلق الأمر هنا بحالة التغيب التي تعرض لها القانون رقم 12.81 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.83.230 في 9 محرم 1405 (5 أكتوبر 1984)(الجريدة الرسمية عدد 3764 بتاريخ 10 ديسمبر 1984) والمرسوم رقم 2.99.1216 بتاريخ 6 صفر 1421(10 مايو ) 2000 المحدد لشروط وكيفية تطبيقه (الجريدة الرسمية عدد 4801 بتاريخ 2 ربيع الأول 1421(5 يونيو 2000).
وينبغي تفعيل هذه المسطرة عند كل تغيب عن العمل لفترة تقل أو تعادل المدد المطابقة للآجال المحددة، من أجل تبليغ الإدارة بحالات المرض، بموجب المرسوم رقم 2.99.1219 الصادر في 6 من صفر 1421 (10 مايو 2000) بتحديد كيفية تطبيق مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) في ِشأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، المتعلقة بالرخص لأسباب صحية ورخصة الولادة.
وللتذكير فإن الأجل المذكور قد حدد بموجب المادة 2 من هذا المرسوم في يومين من أيام العمل بصفة عامة وفي ثلاثة أيام من أيام العمل بالنسبة للموظفين العاملين بالوسط القروي
وتباشر هذه الاقتطاعات، التي تتم بعد أن تقوم الإدارة بتوجيه استفسار كتابي للموظف أو العون حول أسباب تغيبه عن العمل، بموجب أمر لرئيس الإدارة المعنية (يصاغ طبقا للنموذج المعمول به) يتخذ في ضوء التوضيحات التي يقدمها الموظف في شأن تغيبه ويوجه هذا الأمر مباشرة إلى المصلحة المكلفة بأداء الأجرة، أي من دون الحاجة إلى عرضه على تأشيرة المراقبة المالية المعنية.
وتجدر الإشارة إلى أن مباشرة الاقتطاعات من الأجور، التي تعتبر إجراءا محاسبيا يكرس القاعدة التي لا ينبغي بموجبها أداء الأجرة إلا بعد إنجاز العمل، لا تلغى مسطرة المتابعة التأديبية في حق الموظفين المعنيين باعتبار أن التغيبات عن العمل دون ترخيص مسبق أو مبرر مقبول تشكل إخلالا بالالتزامات المهنية للموظف أو العون.
ثانيا : مسطرة ترك الوظيفة
يتعين تفعيل مسطرة ترك الوظيفة عند كل تغيب عن العمل يتجاوز الآجال المحددة بموجب المرسوم رقم 2.99.1219 المشار إليه أعلاه الصادر في 6 من صفر 1421 (10 مايو 2000) غير مبرر بشهادة طبية تثبت إصابة الموظف بمرض.
ويقتضي التعامل مع هذه الحالات احترام مختلف مراحل مسطرة 'ترك الوظيفة' المنصوص عليها في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
فالفصل 75 مكرر منه ينص على أن الموظف الذي يتعمد الانقطاع عن عمله، يعتبر في حالة ترك الوظيفة ويعد حينئذ كما لو تخلى عن الضمانات التأديبية، غير أنه لا يمكن تفعيل الإجراءات الزجرية المرتبطة بمسطرة ترك الوظيفة إلا بعد توجيه إنذار للموظف لمطالبته باستئناف عمله، يتم تذكيره فيه بالإجراءات التي سيتعرض لها في حالة عدم استئنافه لعمله داخل أجل سبعة أيام ابتداء من تاريخ الإنذار.
ويتمثل الهدف من الإنذار، الذي يشكل عنصرا أساسيا في مسطرة ترك الوظيفة، في تمكين الإدارة من التحقق من إرادة الموظف في شأن التشبث بمنصبه أو التخلي عنه ليتسنى، إن اقتضى الحال، اتخاذ قرار العزل في حقه بسبب ترك الوظيفة.
ويمكن لإجراء توجيه الإنذار إلى الموظف المتغيب بصفة غير مشروعة عن العمل أن يفرز ثلاث حالات :
1 – حالة الموظف الذي يلتحق بالعمل داخل الأجل القانوني بعد تسلم الإنذار :
ينبغي في هذه الحالة تفعيل مسطرة الاقتطاعات من الأجور وعرض المعني بالأمر، عند الاقتضاء، على المجلس التأديبي ؛
2 – حالة الموظف الذي لا يستأنف عمله بعد انصرام أجل سبعة أيام رغم توصله برسالة الإنذار :
لرئيس الإدارة في هذه الحالة صلاحية إصدار عقوبة العزل من غير توقيف الحق في المعاش أو العزل المصحوب بتوقيف الحق في المعاش، وذلك مباشرة وبدون استشارة المجلس التأديبي.
3 – حالة تعذر تبليغ الإنذار للموظف الموجود في حالة ترك الوظيفة :
يأمر رئيس الإدارة فورا بإيقاف أجرة الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة بموجب أمر بإيقاف الأجرة يصاغ طبقا للنموذج رقم 2 رفقته. وينبغي التمييز هنا بين وضعيتين :
أ – إذا استأنف الموظف المعني بالأمر عمله داخل أجل ستين (60) يوما المذكور أعلاه، وجب عرض ملفه على المجلس التأديبي. ولا يمكن في هذه الحالة إصدار الأمر باستئناف صرف الأجرة إلا بعد البت في حالة المعني بالأمر من طرف المجلس التأديبي، وذلك بموجب أمر يوجهه رئيس الإدارة إلى المصالح المكلفة بأداء الأجرة، يصاغ طبقا للنموذج رقم 3 رفقته.
ب – إذا لم يستأنف الموظف عمله داخل اجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ اتخاذ قرار إيقاف الأجرة، وجب تطبيق العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 75 مكرر المذكور أعلاه (العزل من غير توقيف الحق في المعاش أو العزل المصحوب بتوقيف الحق في المعاش دون استشارة المجلس التأديبي) ؛
ولتقادي بعض الاختلالات على مستوى تدبير الملفات المتعلقة بهذا الموضوع ينبغي التأكد على ضرورة استفاد مختلف مراحل مسطرة ترك الوظيفة، بما في ذلك إجراء العزل إن اقتضى الحال.
إن التزام مختلف مصالح تدبير الموارد البشرية بالضوابط التي حددتها النصوص المشار إليها أعلاه في مجال التعامل مع حالات التغيب غير المشروع عن العمل، لمن شأنه الإسهام في احتواء هذه الظاهرة من جهة، والتقليص من عدد المنازعات المرتبطة بهذا الموضوع من جهة أخرى.
واعتبارا لما سلف ، فالمرجو منكم إصدار تعليماتكم إلى المصالح المعنية التابعة لسطلتكم قصد الالتزام بالمقتضيات التشريعية والتنظيمية التي تم التذكير بها بمقتضى هذا المنشور.